بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
قال الله تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا`يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًاعَظِيمًا"[الأحزاب:70-71]
فإن دراسة الهدي النبوي أمر له أهميته لكل مسلم، فهو يحقق عدة أهداف من أهمها :
الإقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - من خلال معرفة شخصيته وأعماله وأقواله وتقريراته، وتكسب المسلم محبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم - وتنميها وتباركها، ويتعرف على حياة الصحابة الكرام الذين جاهدوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - فتدعوه تلك الدراسة
لمحبتهم والسيرعلى نهجهم وإتباع سبيلهم، كما أن السيرة النبوية توضح للمسلم حياة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بدقائقها وتفاصيلها
وفاة أم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم
توفيت أم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو ابن ست سنين بالأبواء بين مكة والمدينة، وكانت قد قدمت به على أخواله من بني عدي بن النجار تزيره إياهم، فماتت وهي راجعة به إلى مكة,([1]) ودفنت بالأبواء, وبعد وفاة أمه كفله جده عبد المطلب، فعاش في كفالته، وكان يؤثره على أبنائه أي أعمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم - فقد كان جده مهيبًا, لا يجلس على فراشه أحد من أبنائه مهابة له، وكان أعمامه يتهيبون الجلوس على فراش أبيهم، وكان صلى الله عليه وآله وسلم يجلس على الفراش ويحاول أعمامه أن يبعدوه عن فراش أبيهم, فيقف الأب الجد بجانبه, ويرضى أن يبقى جالسًا على فراشه متوسمًا فيه الخير، وأنه سيكون له شأن عظيم([2]) وكان جده يحبه حبًا عظيمًا، وكان إذا أرسله في حاجة جاء بها وذات يوم أرسله في طلب إبل فإحتبس عليه([3]) فطاف بالبيت وهو يرتجل يقول:
رب رد راكبي محمداً
رده لي وإصنع عندي يداً
فلما رجع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجاء بالإبل فقال له : يا بني, لقد حزنت عليك كالمرأة حزنًا لا يفارقني أبدًا([4]).
ثم توفي عبد المطلب والنبي صلى الله عليه وآله وسلم في الثامنة من عمره([5])، فأوصى جده به عمه أبا طالب فكفله عمه وحنّ عليه ورعاه([6]).
أرادت حكمة الله أن ينشأ رسوله يتيمًا، تتولاه عناية الله وحدها، بعيدًا عن الذراع التي تمعن في تدليله, والمال الذي يزيد في تنعيمه، حتى لا تميل به نفسه إلى مجد المال والجاه، وحتى لا يتأثر بما حوله من معنى الصدارة والزعامة، فيلتبس على الناس قداسة النبوة بجاه الدنيا، وحتى لا يحسبوه يصطنع الأول إبتغاء الوصول إلى الثاني([7]) وكانت المصائب التي أصابت النبي صلى الله عليه وآله وسلم منذ طفولته كموت أمه ثم جده بعد أن حرم عطف الأب وذاق كأس الحزن مرة بعد مرة، كانت تلك المحن قد جعلته رقيق القلب مرهف الشعور، فالأحزان تصهر النفوس وتخلصها من أدران القسوة والكبر والغرور، وتجعلها أكثر رقة وتواضعًا.
([1]) ابن هشام في السيرة (1/168) وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث.
([2]) انظر: السيرة النبوية لأبي فارس، ص101. (3) صحيح السيرة النبوية للعلي ص 56.
([4]) أخرجه الطبراني في الكبير:5524، و صححه إبراهيم العلي في صحيح السيرة النبوية ص56.
([5]) انظر: السيرة النبوية لأبي فارس ص101. (6) انظر: مدخل لفهم السيرة، اليحيى ص119.
([7]) انظر: فقه السيرة للبوطي ص46.
((الله مقصودى ورضاه مطلوبى))